BP Pixel code

BEE PULLO

27 يناير، 2010

عثمان ابن فودي _الخطاب الجهادي


( 2- الخطاب الجهادي: نموذج عثمان ابن فودي (Uthman Ibn Fudi ):
ويقول الدكتور حمدي عبد الرحمن حسن: أستاذ العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة[1]:
ولد عثمان ابن فودي في Gobir أحد بلاد الهوسا شمال نيجيريا في 15 من ديسمبر 1754، وكان والده فقيهًا بأمور دينه وهو ما أسهم في تكوين ابنه العلمي والفكري، وقد بدأ حياته بالدعوة في وسط بنية تحكمها العادات والتقاليد غير الإسلامية، وبعد عام 1795 اتخذت دعوة ابن فودي منحى جديدًا، حيث تجاوز مرحلة التوجيه الفردي المباشر؛ ليتناول قضايا سياسية واجتماعية أوسع نطاقًا، ثم ما لبث أن أعلن الجهاد الإسلامي عام 1804، وذلك بهدف تأسيس دولة إسلامية تقوم على تعاليم الإسلام الصحيحة وهو ما تحقق له بعد عامين حينما أسس خلافة سوكوتو Sokoto، وعلى الرغم من وفاته عام 1817 فإن دولته ازدهرت على أيدي خلفائه، كما أنه ألهم الكثير من الحركات الإسلامية الإصلاحية في غرب إفريقيا.
ومن الملاحظ أن الشيخ عثمان ابن فودي قد درس النصوص والكتابات الإسلامية الكلاسيكية في عصور النهضة التي شهدتها الحضارة الإسلامية، وهو ما أسهم في بناء نموذج مثالي لما ينبغي أن يكون عليه المجتمع المسلم، وفي مقاربته للواقع الذي يعيشه المسلمون في بلاده وجد أن الهوّة واسعة بين هذا الواقع وبين المجتمع المثالي المنشود وربما يرجع ذلك إلى أمرين رئيسيين:
أولهما شيوع البدع والممارسات غير الصحيحة للإسلام. وثانيًا: عدم العدالة الاجتماعية.. لقد أضحى الإسلام في المعتقد الشعبي العام مجرد طقوس وممارسات تبعد كل البعد عن صميم الدين، فانتشرت الخرافات والبدع وانغمس كثير من المسلمين في ممارسات فاسدة وجاهلية، ولم تقتصر هذه الممارسات على المجال الخاص، أي حياة الفرد والعائلة، ولكنها امتدت لتشمل المجال العام، أي في إطار المعاملات والحياة العامة.
عندئذ كانت دعوة ابن فودي للمسلمين بضرورة الانصياع لتعاليم الإسلام الصحيحة ونبذ هذه البدع والخرافات البعيدة عن الإسلام، وكان الحل الذي اقترحه لتحقيق هذه الدعوة يتمثل في إقامة مجتمع إسلامي جديد يتفق مع النموذج الإسلامي المثالي، ومن الملفت للنظر حقًّا في فكر ابن فودي هو أنه كان يركز على البعد الاجتماعي، بمعنى أنه نظر إلى الممارسات الفاسدة وغير الصحيحة باعتبارها مفضية إلى الكفر Kufr، ورغم ذلك لم يهتم بقضية تكفير الناس، فالعقيدة Creed عنده ليست غاية في حد ذاتها وإنما الغاية هي وجود مسلم تشكله هذه العقيدة.
"For him, creed is not an end initself; the end is to create the kind of Muslim defined by thiscreed."
لا شك أن هذا الموقف من قضية التسامح في التعامل مع المجتمع قد أعطى بعدًا إيجابيًّا بنَّاء لمفهوم الإيمان Belief والكفر، فهو يرى أن عدم الإيمان تظهره الأعمال وليس النوايا أو ما وقر في القلوب، وقد حذر مرارًا وتكرارًا من اتهام المسلمين بالكفر أو تكفير المجتمع كله، وتلك أحد الخصائص المهمة التي تميز الفكر الإصلاحي لعثمان ابن فودي والتي تميزه عن بعض الحركات الإصلاحية التي ظهرت بعد ذلك في القرنين التاسع عشر والعشرين والتي نادت بجاهلية المجتمع وكفره وضرورة إقامة الدولة الإسلامية بالقوة.
وقد اهتم ابن فودي بالتعليم وأعطاه أهمية كبرى في مشروعه الإصلاحي، يعني ذلك أن العلماء الحقيقيين المعترف بهم سوف تناط بهم مهمة إعادة إصلاح النظام الاجتماعي وفرض السلوك الإسلامي القومي، وانتقد الشيخ عثمان العلماء الذين يسعون إلى مجرد الشهرة والنفوذ دون الاهتمام بقضية تعليم المسلمين صميم الدين، كما أنه انتقد العلماء الذين لا يهتمون بدراسة اللغة العربية، وكان ابن فودي ينظر إلى المعرفة العلمية من حيث وظيفتها الاجتماعية؛ وهو ما يعني رفضه وجود نخبة متميزة من علماء الدين لا يكون لديهم التزام بقضايا وهموم مجتمعاتهم.
وإذا كانت مرحلة الجهاد القولي التي بدأها الشيخ عثمان قد قامت على النصح والإرشاد ورفع المستوى التعليمي ومستوى الوعي الاجتماعي العام لدى المسلمين، فإنها ركزت على قضية المرأة وضرورة تحريرها من مظاهر الظلم والتهميش الاجتماعي الذي تعاني منه، وقد ساهمت المرأة المسلمة في حركة الإصلاح التي قادها ابن فودي، ولا شك أن هذا النموذج الإسلامي للمرأة قد مثل تحديًا كبيرًا للأفكار السائدة في المجتمع الإفريقي آنذاك.
ومن الملاحظ أن موقف ابن فودي من الصوفية قد يثير اللبس؛ نظرًا لكونه هو نفسه من الصوفية، لكنه لم يطرح الصوفية إطلاقًا باعتبارها جزءًا من مشروعه الفكري، وعندما كان يشير إلى الصوفية كان ذلك في سياق الحديث عن السلوك الإسلامي القويم للفرد ولا علاقة له إطلاقًا بالمكوّن الفكري، ولابن فودي كتابات كثيرة عن الصوفية، لكنه لم يوجه نقدًا إليها مثلما هو الحال مثلاً مع محمد بن عبد الوهاب.
وتمثلت المرحلة الأخيرة من مشروع ابن فودي الإصلاحي في إقامة الدولة الإسلامية وذلك لتحقيق المثالية الإسلامية. وتضمنت إستراتيجية التغيير المطروحة وجود برنامج سياسي واجتماعي راديكالي ليحل محل النظام القديم، وينبثق نموذج الدولة الإسلامية الجديدة من الصياغات النظرية الأولى في عصر النهضة الإسلامية، ويمكن القول إن خلافة سوكوتو تطرح هذا النموذج المثالي الذي آمن به ابن فودي. لقد بيّن الشيخ عثمان في "وثيقة أهل السودان" -التي يَعُدّها البعض مانيفستو الجهاد الإسلامي في بلاد الهوسا- أهمية النضال من أجل قيام الدولة الإسلامية؛ إذ تشير الوثيقة إلى ثلاثة مبادئ ملزمة للجماعة المسلمة:
الأمر بالمعروف.
النهي عن المنكر.
الهجرة (القتال) من أرض الكفر.
وعليه كان على الجماعة المسلمة أن تقاتل من أجل التخلص من الفساد والظلم، ولإرساء قواعد الحق والعدالة في المجتمع.


[1]صوفية إفريقيا.. من الروحانية إلى السلفية الجهادية * جزء من دراسة للدكتور حمدي عبد الرحمن بعنوان (تجديد الخطاب الإسلامي في إفريقيا:الأنماط والقضايا العامة).http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1203757526008&pagename= Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout#2
bsombo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Ɓii Pullo : Babiker Mohamed