التبشير المسيحي في شمال نيجيريا |
| د.عبد الرحمن أحمد عثمان |
| |
(أ)مقدمة تاريخية للجهود الكنسية في شمال نيجيريا: بدأت المسيحية في الدخول إلى شمال نيجيريا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وقد انتهج المبشرون في هذه المرحلة أيديولوجية بناء القرى المسيحية وقد قامت الجمعية الروحية التابعة للإرسالية الكاثوليكية الرومانية بشراء عدد كبير من الأطفال من تجار الرقيق لتعمير تلك القرى الوثنية وذلك لوقف الزحف الإسلامي الناتج من الجهود التي قام بها محمد الأمين كاني والحاج عمر وقد كتب الرئيس العام للجمعية من مقرها الرسمي في باريس للكاردينال بيروكت عميد كلية الإعلام والدعوة في روما 1882م يقول :لقد جمع آباؤنا عدد كبير من الأطفال من الجنسين ذكوراً وإناثاً،جمعوهم طائلة ولذا يفترض أن نرعاهم إلى عدد من السنين حتى نستطيع أن نجعلهم خدماً للمسيحية يعينوننا في بناء القرى المسيحية(1)وبهذه الطريقة تم جمع 1880طفلاً من الكنغوفي عام 1896م و1830م طفلاً من أوبانقي فيما بين 1894إلى 1899م وبالتالي استطاعت الكاثوليكية الرومانية أن تنشئ مجموعة من القرى المسيحية التي أصبحت نواة لمدن كاملة فيما بعد . وقد ترددت الإرساليات المسيحية في محاولات للدخول في مجتمع الهوسا في شمال نيجيريا تمشياً مع تخوف حكومة الاستعمار البريطاني في أوائل القرن العشرين من ثورة يمكن أن يقوم بها المسلمون لنتيجة لأي أجراء كنسي ،ومرة أخرى ابتعدت الإرساليات الكنسية منهج التنصير خلال التعليم والخدمات الصحية وبحلول عام 1906م كان هناك 2590(ألفان وخمسمائة وتسعون )طالباً بالمدارس التي تعمل بمناهج وضعت عمداً لتنصيرهم وقد كان طلاب هذه المدارس يجمعون من حول المدن الرئيسية مثل زاريا كادونا وجوس ،والواقع أن منهج التنصير من خلال التعليم النظامي قد برهن على فعاليته ،وهو من الوسائل المتبعة حتى الآن وفي المقابلات التي تمت مع جميع المسلمين الذين تنصروا من الهوسا وغيرهم اتضح لنا أنهم أصبحوا مسيحيين لأنهم درسوا المسيحية ولم يدرسوا الإسلام ،فالمنهج المعد وطريقة الامتحانات تقتضي أن يجلس الممتحن لمادة التربية الإسلامية أو التربية المسيحية وأن رسوبه في اختياره يحدد مستقبله بصورة أو بأخرى ،ولقلة الحصول على معلمي التربية الإسلامية والكتاب الإسلامي،فإن الطلبة يختارون الجلوس لمادة التربية المسيحية –وكثيراً مايفاجئك اسم أحمد أومحمد أو عبد الله لشاب مسيحي ،فإذا أدرت معه حواراً كانت إجابته على السؤال(لماذا أصبحت مسيحياً؟)(لأني امتحنت لمادة التربية المسيحية ونجحت فيها). (ب)الإستراتيجية الحالية لتنصير قبائل شمال نيجيريا: والمسيحية اليوم نيجيريا الشمالية تعمل على توسيع قاعدتها بحرص وتخطيط وقد أطعنا على كتاب يبرمج ويوضح نوعية الخطط وأولوية المجموعات البشرية التي ينبغي أن يمارس بينها التبشير-هذا الكتاب- Strategy For Outrech by Willian Carey Library U.S.A1977.Bx.Qurald O.Swak.Nigwria*Fronrier Peoples Of Central (إستراتيجية الوصول لشعوب المواجهة في أواسط نيجيريا)ويعني الكاتب بشعوب المواجهة المجموعات ذات القابلية للتنصير الذين لم تبلغهم البشارة والدعوة المسيحية أو لم يستجيبوا لها في ذلك الحين ،والكتاب محاولة لامتحان هؤلاء السكان واكتشاف مدى قابليتهم للتنصير،ويغطي الكتاب كلاً من الولايات النيجيرية الآتية ،النيجر،كادونا،كاتسينا،بوتشي،قنقولا،وولاية برنو كما يشمل المقازوا والزورو في ولاية كنو ويري الكاتب أن القدرة على التبشير موضوع كبير لذلك لابد أن تسبقه دراسات وافية عن نوعية المجموعات التي يراد إقناعها بحيث تعد بحوث ودراسات عن عقائد هم وعاداتهم حتى تتسنى معرفة أيسر السبل وأكثرها فعالية لكسبهم وتنصيرهم. وينقسم الكتاب إلى ثلاث أقسام ،يعني القسم الأول منه بالقبائل المستهدفة ،كما يعنى القسم الثاني بالمقومات الثقافية لهذه القبائل ومدى قابلية هذه الثقافات المسيحية،ويعنى القسم الثالث بالإستراتيجية التي ينبغي أن يعمل من خلالها لتنصر هذه المجموعات.والقبائل المستهدفة. *ولاية بلاتو: المجموعات المستهدفة هي الآلآفوأفو،الياسا القيد والقواندرا،ويعتقد بعض هؤلاء في (أوسواوسو)خالق لهذا الكون ،كما يعتقدون في مجموعة من الآلة الصغيرة التي تقوم في اعتقادهم بتصريف الحياة اليومية يسألونهم الصحة والغنى. أما عن استراتيجية تنصيرهم فإن الكاتب يرى أن لهم ميولاً قوية نحو الإسلام غير أن نساءهم لهن ميول نحو المسيحية ،ومن ثم فإن العمل في أوساط النساء أجدى بكثير من العمل في أوساط الرجال وهم يحترمون الأيبو ،ولذلك يرى الكاتب أن يرسل لهم مبشرون من قبيلة الأيبو،وبما أن هناك اختلاف وشجاراً بين القبائل مثل قبيلة القيدوالقباري،فإن الكاتب يقترح أن تكون هنالك كنيستان مختلفتان لهم حتى تتم المنافسة في أوساط القبائل المنتشرة في الولاية،كما يقترح أن يتم استيطان المبشرين بينهم،حتى يتم تنصيرهم تدريجياً. *ولاية قوارا(Kwara): القبائل المستهدفة هنا هي اليوسا والأقبيرا،ويقترح الكاتب أن يركز العون الإنساني في الشئون الزراعية والصحية ويقدر الكاتب عدد الأقبيرا بحوالي35ألف في أوكيني و75الفا على نهر النيجر،كما يقدر عدد المسلمين منهم بحوالي 80%والبقية من المسيحيين ،وماداموا من هواة الرقص والموسيقى فإن استراتيجية جذبهم تعتمد على الغناء والرقص في الشوارع. *كادونا،كانو،وسوكوتو: والمجموعات المستهدفة هنا هي المقازاوا والكاداركورو،والماقزاواينتمون إلى عوائل ممتدة ومتشابكة ويقدر عددهم بأكثر من ألف نسمة وهناك مجموعة من الكنائس تعمل في أوساطهم مثل إنجيلية غرب إفريقيا (Eqwa)والتي تتخذ من قرية قاني ،في مقاطعة صوماليا بولاية كانو،مقراً لها ،والإنجيليات البابوية في زاريا تحرك الإرساليات الكنسية أيضاً في فورزو وملنفاشي وماتزو وقزاوو في ولاية سكتو،ولعل الإستراتيجية المجدية هنا هي محاولة إقناع كبار السن ومساعدتهم في شئونهم الزراعية وذلك نسبة لما يتمتعون به من احترام وتقديس بين عوائلهم . *ولاية باونشي: المجموعات المستهدفة هنا هي(الميا)و(الفاوا)و(اليوتا)و(الواري)والجراوا وسكان جبل الزرندا،وهذه المجموعات كما وضح للباحث مستجيبة لبشارة المسيح واستيراتيجية المسيحيين هنا تعول على إنشاء الكنائس المحلية والمدارس الإنجيلية وتدريس مبشرين من بينهم يدعونهم إلى المسيحية. *ولاية برنو: المجموعات المستهدفة هنا هي البابو والكبير اليروالقاماوا ،ويرى الكاتب أنه على الرغم من هؤلاء القوم مسلمون فإنهم لايؤمون مساجدهم إلا في رمضان ولاعتبارات أخرى يرى الكاتب سهولة تنصيرهم،وذلك عن طريق الإغراء بالمساعدات التي تقدم لهم في مجال الزراعة والتأهيل لأفراد منهم يتحملون عبء الدعوة بينهم. *ولاية قنقولا: المجموعات المستهدفة هنا هي المندرة والغالي والفير والمومبووالداكا ويرى الكاتب ضرورة استخدام إذاعات الحكومة بجانب الإذاعتين الموجودتين في جوس (مريم بشارة)وراديو زلوا التي تبث برامجها بالفولاني والهوسا والإنجليزية وليوربا والنوبية،كما يجب الاستفادة أيضاً من صحيفة الأخبار المسيحية بجانب الكتب المسيحية المتفرقة لتنصير المسلمين. كما يرى الكاتب أن يعمل على تنصيرهم أيضاً بالتركيز على الخدمات الصحية المبذولة من قبل د.جاندلر رئيس جمعية العمل المسيحي التي يتخذ لها مقراً في قوازا وتساعده في ذلك فرق المبشرين الزراعيين والبيطريين الذين يتعاونون مع السكان في مزارعهم نهاراً ويجمعونهم للإستماع للموسيقى ليلاً ،وقد أدى هذا المنهج إلى استجابة معقولة بينهم ويوصي الكاتب بأن يحرصوا على ذبح الأضاحي لإسحق وإبراهيم ،كما جاء في الإنجيل على نمط مايفعل المسلمون لإسماعيل. *ولاية الناجر: المجموعات المستهدفة هنا هي القرى والدوكو والأحبا والكموكو وقد تمت بعض الاستجابة نتيجة لجهود المبشرين المحليين الذين نظموا المعسكرات الشبابية المسيحية وزيارات المسيحيين من العسكريين المقيمين في ثكنات الجيش في مدينة كونت قورا.ومن خلال العرض الذي يقدمه الكاتب ويؤيده الواقع فإن التبشير الكنسي يكون قدا ستطاع أن ينشئ له جذوراً ويكتسب أراضي على حساب الإسلام. أما القسم الثاني من الكتاب فهو عن أوجه التشابه والاختلاف بين المقومات الثقافية لهذه القبائل والقيم المسيحية ،ويرى الكاتب أنه من الممكن أن تغمض الكنيسة النظر عن تعدد الزوجات في هذه المجتمعات بل وتتبناه ونورد الشواهد من الإنجيل (كما فعل سيدنا إبراهيم عليه السلام)وذلك مثبت في العهد القديم . (1)مع إتباع الوسائل التالية: 1. معروفة احتياجات القبائل المراد تنصيرها. 2. معرفة مايراد تحقيقه. 3. معرفة الثقافات والعادات والتقاليد التي تسود هذه القبائل. 4. معرفة أنجل السبل التي تساعد المبشرين على إقناعهم. 5. كيفية الحصول على الوسائل التي تستعمل في التنصير ومضارها. 6. تحديد قيد زمني يتم من خلاله التنصير. 7. تقييم ما تم من عمل في تحقيق الخطوات السبع. ويفصل الكاتب عملية التنصير الفعلية في تسع خطوات أخرى تتمثل في: 1. الاتصال بالأشخاص واكتساب ثقتهم من دون إعلان للأهداف الحقيقية. 2. إعلان الهدف الذي من أجله أنشئت العلاقة ،ويجدد الكاتب لهذه الخطوة حوالي عام كامل. 3. محاولة الإقناع في مجموعات الأفراد. 4. تنظيم وتوفير سبل العبادة. 5. التعميد. 6. الاتصال بالكنيسة. 7. إنشاء خدمات على نهج مافعل المسيحيون في مستشفى واساسا بزاريا. 8. إنشاء كنائس خاصة لهذه القبائل تشرف على كل أمورهم. 9. زيادة قوة الكنيسة الإفريقية بانضمام هذه الكنائس الجديدة لها. *ويرى الكاتب ضرورة استعمال جميع وسائل الإعلام في مرحلة الاتصال ومن الواضح أن الكاتب قد حدد لنا حجم العمل التبشيري الجاري في نيجيريا ولم يتعرض هنا إلى الفولاني لأنه لم تكن من القبائل المستهدفة حتى عام 1975م. بداية العمل المسيحي بين الفولاني: (أ:مشروع تنصير المسلمين في إفريقيا) الواقع أن الجهود المسيحية التي تبذل اليوم لا تنفصل عن الجهود التاريخية للمبشرين في إفريقيا تنال أن اتجاه التبشير الكنسي قدتحول إلى الوطنيين من الأفارقة وذلك عندما بدأت البلدان الإفريقية تنال استقلالها وأصبحت الكنيسة في إفريقيا مهددة بشبحي الوطنية والإسلام ،ففي الخمسينات بدأ ت الهيئات المسيحية تفكر في أمرين ،الأول هو أفرقة الكنيسة حتى لاتعصف بها الرياح الوطنية إذا ماجاء الوقت لطرد البيض المستعمرين. أما الثاني فهو محاولة تنصير المسلمين أنفسهم ،ومن ثم طرحت الهيئات الكنسية في غرب إفريقيا مشروعاً سمته (مشروع الإسلام في إفريقيا)وفي عام 1959متأسست دعائم هذا المشروع رسمياً بواسطة ممثلين من جميع الكنائس العاملة في إفريقيا في مؤتمر إبادان 1958م بنيجيريا وقد تلخصت وقائع هذا الاجتماع في الآتي: 1. أن تتفهم كل الكنيسة واقع المجتمع الإسلامي العاملة فيه طبقاً لضرورة أمنها. 2. التأثير في المناهج التعليمية. (ب):(البحوث الثقافية) ولتحقيق هذه الأهداف كونت لجنة تسمى(لجنة الارتباط الأوروبية)(European Liaaison com mitteee)وقد ركزت هذه اللجنة على استعمال أصابع إفريقية في هذه المهمة ومن ثم كونت اللجان المحلية (Area committee)ثم اتبعت ذلك بقيام (مجلس مشروع الإسلام في إفريقيا)وذلك لتنسيق جهود هذه اللجان ومقره في نيروبي بكينيا. لقد بدأ العمل في نيجيريا فعلياً عام 1963م كما بدأ العمل في كينيا والكمرون فيما بين عام 1959م وفي غانا 1963م وبدأت مراكز شئون العاملين تأخذ مواقع لها في أثيوبيا وسيراليون وليبيريا ،وأنشئ لذلك مركز بحوث دراسات المسيحية لتخريج المبشرين كما أنه يقدم بعض الدراسات العربية والقرآنية. ويتكون مجلس مشروع الإسلام في إفريقيا من الدكتور المدعو الأب المقدس دريك(Dratke)وهو أوروبي والسيد واندا(S.N. Wanda) المسئول عن المشروع وهو إفريقي ومجموعة من الأعضاء ممن لهم معرفة عميقة بالإسلام والمجتمعات الإسلامية وهم يقومون بنشاطات مختلفة منها: 1. تنظيم حلقات دراسية وسمنارات للمسيحيين عن كيفية التداخل مع المسلمين وعرض المسيحية لهم. 2. تشجيع كافة المسيحيين الذين يستونون المجتمعات الإسلامية على العمل المنظم في وسط المسلمين وإقامة الصلوات والدعوات لهم. 3. نشر بعض الدراسات المسيحية عن الإسلام للمسيحيين وإعداد الكتيبات المسيحية للمسلمين. 4. تشجيع كل المسلمين والمسيحيين على التعارف وتقوية أواصر الصداقة. 5. الإهتمام بتوفير الإست شارات والفتاوي الخاصة بموضوع العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في إفريقيا-ويقيم كل من المسئولين عن المشروع السيد واندا(S.N Wanda)والمشرف عليه(D.t.Drat)في نيروبي بكينيا ،ويجرون اتصالاتهم الاستشارية مع أوروبا ،ويتعاملون مع تلك اللجان المحلية التي توجد في كل من بنين والكميرون وإثيوبيا وغانا وكينيا وملاوي ونيجريا وسيراليون والسودان وقد تمت الإتصالات بكل من السنغال وساحل العاج وغامبيا وليبريا ورواندا وتنزانيا وتوجو وأوغندا وفولتا العليا وزائير ،وتعمل كل هذه اللجان على دراسة المجتمعات الإسلامية .حولها غير أن إدارة مشروع دراسة الإسلام في إفريقيا لم تنشئ وحدات للبحوث لأنها تعمل بالتعاون مع جهات مختصة،وقد كانت الحصيلة حوالي ال200،000كتاب من هذا الموضوع ،أماجهات النشر فهي المطبعة المسيحية الإفريقية –والمطابع الأوروبية المختلفة. نموذج من دراسات مشروع الإسلام في إفريقيا: هذا وقد كانت حصيلة الكتابات والدراسات التي أجريت في هذا الاتجاه في نيجيريا قد أدت إلى إقناعهم بأن فولاني غرب إفريقيا يعتبرون من أميز المجتمعات الإفريقية ومن أكثرها قابلية لبشارة المسيح،وذلك نسبة لطبيعتهم البدوية وجهلهم بالإسلام وفاعليتهم السياسية والإقتصادية ،ونقدم هنا نموذجاً من الدراسات الكنسية عن جدوى الجهود الرامية لتنصير هذه القبيلة ويجدها القارئ فيما يلي: ترجمة للوثيقة رقم 10لهذه المؤسسة كتبت بالإنجليزية: وفي القرن السادس عشر الميلادي ومن بين غبار الصحراء أتى الإسلام إلى أرض الواقعة جنوب الصحراء .غير أنه لم يأت نتاجاً لمعركة ولا على ظهر السيوف بل جاء عبر ماحمله العلماء والمعلمون الذين استقروا في مدخل وادي السنغال في إفريقيا الغربية ،وأقاموا المساجد والمعابد التي تسببت في انتشار الإسلام ،وبما أن الأرض المتاخمة لهم كانت لقبيلة الفولاني فقد تأثر الفولاني بالإسلام لعدة قرون ،والفولاني الآن مسلمون ،ولطبيعة حياتهم البدوية فإن تجربتهم في الإسلام تختلف عن تجربة الحضريين،والشاهد على ذلك غياب الممارسات الإسلامية في أوساط الشباب فهم الذين يقع عليهم عبء رعاية الأبقار،ولذلك يبقى الشباب غير ملمين بالإسلام إلى مرحلة متأخرة من عمرهم حتى يستطيعوا البقاء بالمعسكرات وتعلم الإسلام وممارسته. أما الحضريون من الفولاني ففي حياتهم مع الإسلام تناسق واتساق ،وهم يحافظون على التعاليم الإسلامية ،الصلوات اليومية ،والزيارات الأسبوعية للمسجد(يقصد صلاة الجمعة)كل هذا يتناسب مع حياة الفولاني الحضرية ،ولأن الفولاني يلعبون دوراً طليعياً في الحياة السياسية والإقتصادية في غرب إفريقيا فإن الممارسات الإسلامية تحتل أهميته في حياتهم اليومية. إفريقيا فإن الممارسات الإسلامية تحتل أهمية في حياتهم اليومية. ولقد كان الإسلام يشكل حاجزاً منيعاً للكنيسة تجاه المواطنين،غير أنه في السنين الأخيرة أصبح من الممكن التعامل مع المسلمين ،ومن ثم نقل بشارة المسيح إليهم. وينبغي ألا نستثنى المسلمين من الهدف الرامي إلى إبلاغ العالم أجمعه برسالة المسيح لأنهم يكونون حوالي ال40% من سكان إفريقيا. ويعتبر اللوثريون الأمريكيون أن الفولاني قوم غرباء.وذلك لأن اسم (فولاني)يصف قبيلة لاتحدها حدود جغرافية ويوجد عشرة ملايين منهم في ثماني عشرة دولة كما أن هذا الاسم أيضاً يصف أناساً تتضاعف أعدادهم كل ثمانية وعشرين عاما كما أن أبقارهم تنموا بصورة مذهلة وهم مجموعة متميزة منذ عام 1870م ،وتختلف في مظهرها ولغتها عن السكان المحليين والفولاني قوم طوال القامة نحيفو الأجسام وأكثر بياضاً من جيرانهم ،وقد انتشرت إحدى أشكال لغاتهم في إفريقيا الوسطى والغربية بوصفها لغة للتعامل التجاري وفي الأسواق،وهي توضع مع العربية والسواحيلية باعتبارها واحد من اللغات الإفريقية العظمى. وحياة الفولاني تنقسم إلى ثلاثة تشكيلات –البدويين الذين لايملكون إلا المعسكرات المتنقلة وراء المواسم والأمطار ،ثم شبه البدويين الذين يقيمون في مناخ ممطر معشب ،ثم المحضرين الذين اعتمدوا على التجارة أو الزراعة وهؤلاء الأخيرون رغم أنهم فقدوا بعض مايميزهم كفولاني فإنهم ظلوا يحتفظون بدينهم وتاريخهم ،وقد ظهر الفولاني اهتماماً واضحاً بالمسيحية،واستجابة لهذا الاهتمام فإن الكنيسة الأمريكية والكنائس اللوثرية في نيجيريا والكمرون وإفريقيا الوسطى أنشأت للفولاني إدارة كهنوتية (Ministrys)تختص بإدارة شئون المسيحية في السنغال والنيجر. الوثريون والفولاني: إذا عرفنا أن الفولاني مسلمون فلماذا يهتم بهم الأمريكيون اللوثريون وذلك بالرغم من أن المسلمين التقليديين لايمكنهم إبدال دينهم بالمسيحية؟ يبدوأن الإجابة عن هذا السؤال تقتضي أن نتبين حقيقتين اثنين: أولهما :قناعة المبشرين المتمثلة في وجوب بلوغ بشارة ورسالة المسيح إلى كل إذن صاغية. وثانيهما :أن الفولاني أظهروا اهتماماً ببشارة المسيح حيث بدأوا يكتبون لإذاعة صوت البشارة ويتساءلون عن البشارة. ففي عام 1966م بدأت ( صوت البشارة )تبث برامجها الإذاعية من أديس أبابا بأثيوبيا باللغة الفولاذية،حسب ماوصى مجلس مشروع دراسة الإسلام في إفريقيا الوسطى والغربية كما أن أشرطة الكاسيت المعدة لصوت البشارة بالكاميرون قدأرسلت إلى الإذاعة بأثيوبيا لثبها خلال أجهزة البث القومية. وفي عام 1970م بدأت ترد بعض الأسئلة لإذاعة صوت البشارة من أديس أبابا من الفولانيين الذين تتحدث إليهم الإذاعة بلغتهم ،ومن ثم بدأت الاستجابة للوثريات العاملة في كل من نيجريا والكاميرون وإفريقيا الوسطى،غير أن هذه الكنائس بدأت تتوقف لأن برامج تنصير الفولاني أكبرمن طاقتها ،ولذلك لم تنجز إلا القليل في مدى سنوات عديدة. ولقد وصف بعض المراقبين مهمة الإذاعة بأنها لتمهيد الأرض حتى يسهل حرثها وزرعها. لقد بدأت برامج هذه الإذاعة تتخذ أبعاداً أكثر فائدة عندما بدأ(بوستر مانكست)الزيارات الميدانية للفولاني وهو الناطق الرئيسي في إذاعة صوت البشارة ،فقد كان لذلك أثر كبير إذ أن الفولانيين بدأوا يشيرون إليه بالبنان ذاكرين له أنهم قد سمعوا صوته وهم الآن يرونه رأي العين. ولقد استجابت الكنيسة اللوثرية لهذا الانفتاح الفولاني عليها فاتخذت المخططات الكنسية طريقها إلى الفولاني في النيجر ولسنغال كما أن برامج إضافية قد وضعت للفولانيين في نيجيريا والكمرون وإفريقيا الوسطى لتقوية الموقف ،وبهذه الطريقة فتحت بعض الأبواب وأبلغت الكنيسة بشارة عيسى المسيح للفولانيين في إبلاغ البشارة،وختاماً لهذا الباب يمكننا أن نخلص إلى أن الأسباب التي دعت إلى اهتمام الكنسيين بقبيلة الفولاني وحفزتهم للعمل على نشر الدعوة المسيحية بينهم تتمثل في حقيقتين. أولاهما:هي أن الفولاني من القبائل الإفريقية المتميزة بالذكاء وحب الزعامة وقد أدت هذه الحقيقة إلى انتشار الدين الإسلامي الذي اعتنقوه منذ القرن الثالث عشر وبنوا به إمبراطورية سكتو الإسلامية في القرن التاسع عشر مما زاد من إعجاب القبائل المحيطة بهم واحترامها لهم. وثانيها:أن النتائج التي خرجت بها دراسات مشروع الإسلام في إفريقيا أدت إلى إقناع المبشرين بأن فولاني غرب إفريقيا من أكثر الشعوب الإفريقية قابلية لبشارة المسيح نسبة لطبيعتهم البدوية وجهلهم بالإسلام هذا بالإضافة لما أظهره الفولاني من اهتمام واضح بالمسيحية حيث بدأوا يكتبون لإذاعة (صوت البشارة)بأديس أبابا يتساءلون عن البشارة كما يزعم الكنسيون. كل ذلك أدى إلى أن تتضافر الجهود الكنسية لصياغة مشروع تنصير قبيلة الفولاني رصدت له ميزانية تعددت مصادرها من الدول والمنظمات والأفراد،كما أجريت الدراسات اللازمة للوسائل التي ينبغي أن يستغلها المبشرون لتحقيق هذه الغاية. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق