ﺑﻌﺪ ﻧﺼﻒ ﻗﺮﻥ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻻ ﺯﺍﻟﺖ
ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺗﺄﻛﻞ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺎﺕ ﺇﺛﻨﻴﺔ ﺃﻭ
ﺩﻳﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻰ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﻤﻖ ﻭﻗﺪ ﻣﺜﻠﺖ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺣﻴﺰﺍ
ﻣﻼﺋﻤﺎ ﻟﺘﺤﻘﻖ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺇﺫ ﺃﻧﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻗﺎﺭﺓ
ﻳﺸﻜﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻻﺳﺘﺨﺮﺍﺟﻲ ﺍﻷﻭﻟﻲ
ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ
ﻭﻟﻌﻞ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﺬﻫﺐ %90 ﻣﻦ ﻛﻤﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺮﺟﺔ
ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﻮﺯ
ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻋﻠﻰ %81 ﻣﻦ ﺻﺎﺩﺭﺍﺗﻪ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﺎﺱ ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺪ
ﻭﺍﻷﻟﻤﻨﻴﻮﻡ ﻭﺍﻟﻴﻮﺭﺍﻧﻴﻮﻡ ﻭﺍﻟﻜﺮﻭﻡ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻮﺟﺪ %90 ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻴﺎﻃﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ
ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﺯﻳﻌﻬﺎ ﺍﻭ
ﺍﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﻓﺮﻳﻘﻴﻦ ﻭﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻝ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻻﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺘﺴﻮﻝ
ﺍﻟﻤﻌﻮﻧﺎﺕ ﺭﻏﻢ ﺛﺮﻭﺍﺗﻪ ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻣﺘﻌﻤﺪ ﻭﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻴﺲ
ﻧﺨﺒﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭ ﻟﻜﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺃﺛﻨﻴﺔ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ
ﺣﻮﻟﺖ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺎﻻﺕ ﺷﺬﻭﺫ
ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﺧﺮﻱ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﺍﻻﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺑﻘﻮﺍﺕ ﺍﺟﻨﺒﻴﺔ
ﻟﻔﺮﺽ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻣﻞ
ﺗﺮﺍﺑﻬﺎ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻥ ﺗﺤﺼﻞ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻴﺐ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺛﺮﻭﺍﺕ
ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻔﻲ ﺳﻴﺮﺍﻟﻴﻮﻥ ﻭﺃﻧﻐﻮﻻ ﻭﺍﻟﻜﻮﻧﻐﻮ
ﻭﻧﻴﺠﻴﺮﻳﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﺣﺪ ﺍﻻﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ
ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﻫﻮ ﺳﻌﻲ ﻛﻞ ﻃﺮﻑ ﻟﻼﺳﺘﻴﻼﺀ
ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﺟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﺎﻟﺴﻴﻄﺮﺓ
ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﻢ ﺗﺘﻴﺢ ﻣﺼﺪﺭﺍ ﻟﻠﻘﻮﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻄﻮﺓ ﻭﺍﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻤﻨﺢ ﺍﻣﻜﺎﻧﺎﺕ
ﻗﻮﺓ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻻﺳﻠﺤﺔ
ﻭﺗﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ
ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺩﺍﻓﻌﺎ ﻟﻠﺘﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻓﺈﻥ
ﺑﺮﻳﻘﻬﺎ ﺍﻳﻀﺎ ﻳﺠﺬﺏ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺍﻻﺟﻨﺒﻴﺔ
ﺍﻟﻄﺎﻣﻌﺔ ﻓﺎﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻻﻣﺮﻳﻜﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ
ﻭﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺴﺮ ﻋﻈﺎﻡ ﻣﻊ
ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﺣﺪ ﺩﻭﺍﻓﻌﻪ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ
ﻭ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﻌﺒﻪ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ
ﻓﻲ ﺇﺷﻌﺎﻝ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ
ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻗﺪ ﺑﻨﻴﺖ ﺍﻻﺳﺘﻄﻼﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ
ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪﺓ 1960 ﺇﻟﻰ
1999 ﻋﺮﻓﺖ 161 ﺩﻭﻟﺔ ﺣﺮﻭﺑﺎ ﺃﻫﻠﻴﺔ
ﺃﻏﻠﺒﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺩﻭﻟﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ
ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ
ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺗﻄﻬﻴﺮ ﻋﺮﻗﻲ ﻣﻘﻴﺖ
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺬﺍﺑﺢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻣﻮﺭﺳﺖ ﻫﻨﺎ ﺃﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺃﻗﻄﺎﺭ
ﻭﺃﻗﺎﻟﻴﻢ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻭﺗﺒﻌﺎ
ﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎﺕ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻓﺈﻥ 14 ﺩﻭﻟﺔ
ﻣﻦ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ 53 ﺩﻭﻟﺔ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻋﺎﻧﺖ
ﻧﺰﺍﻋﺎﺕ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﺳﻨﺔ 1996 ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ
ﺃﻥ ﺗﻠﻐﻲ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺨﻔﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻜﺸﻮﻑ
ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ
ﻓﻲ ﺗﺄﺟﻴﺞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻤﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻌﻮﺍﻣﻞ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﺍﻵﻥ ﻳﻤﺜﻞ ﺃﺣﺪ ﺃﺳﺒﺎﺏ
ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ
ﻋﻤﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎً
ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎً
ﻭﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ
ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻠﻐﻲ ﺳﺒﺒﺎ ﺁﺧﺮ ﺭﺋﻴﺴﻴﺎ
ﻭﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ
ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺳﻮﺀ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ
ﻭﺗﺤﻴﺰ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻤﻘﺎﻃﻌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺃﻭ ﺇﺛﻨﻴﺔ
ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺃﻭ ﺍﻹﺛﻨﻴﺎﺕ
11 يوليو، 2014
افريقيا بعد مضى نصف قرن من الزمان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق